1
لم أبكِ لكن هذهِ كلماتي
تغدو دموعاً حرَّةً بدواتي
تجتاحني كالحُبِّ دون تهيّؤٍ
وفجاءةً كتدهورِ العملاتِ
يا للحروفِ لها بكلِّ جوارحي
ملهىً وغانيةٌ وبحرُ شتاتِ
وحكومةٌ في القلبِ أسمعُ قمعها
وعساكرٌ للإنقلابِ الذاتي
أغدت حروفي دولةً عربيّةً
محدودةٌ فيها أنا حركاتي؟
2
بين السطورِ أسيرُ دون تردّدٍ
منذُ الولادةِ لا أخافُ وفاتي
أعطيتها عمري وكلَّ ذخيرتي
وزففتُ أحرفَها كبعضِ بناتي
أقصيدتي أرهقتني وجعلتني
أحيا لأجلكِ لا لأجلِ حياتي
كم ليلةٍ أَسهرتُ جفنَ وسادتي
وخلقتُ ألحاناً من الراءاتِ؟
وحللتُ تاءً بعدما ربَّطتها
وجعلتها باءً .. فدا رغباتي
وسرحتُ باللغةِ الجميلةِ مثلما
سرحَ النبيذُ بباطنِ الكاساتِ
3
فهل انتهيتُ من القطيعةِ والأذى
وأنا دمشقيٌّ رقيقُ الذاتِ؟
4
كم ليلةٍ أقصيدتي كم ليلةٍ
فيها نقشتكِ فوق نهدِ فتاةِ؟
عِقْداً من الأدبِ الجميلِ نظمتها
لم يُهدَ قطُّ لأجملِ الملكاتِ
لكن زماني جاهلٌ قد شلَّني
بتفاهةِ الأولادِ والفتياتِ
ألقيتها.. وأعدتها.. فكأنَّما
ألقيتها في مَجْمعِ الأمواتِ
5
فإلى متى في غربةِ الكلماتِ
وحدي وما في الدربِ بابُ نجاةِ؟
أمشي كأنّي من زمانٍ آخرٍ
والليلُ يمسحُ عامداً خطواتي
والريحُ تجلدني وتكسرُ خاطري
وتذيعُ آهاتي على القنواتِ
أقصيدتي هاتي لأرحلَ معطفي
ودفاتري وتفقّدي راياتي
لم يبقَ في وطني الحبيبِ بقيةٌ
من حلمنا الملعون غيرُ رفاتِ
فجميعُ أمجادِ الحروفِ تحطّمت
حتَّى حروفُ اللَّهِ في الآياتِ
بشر شيب، شاعر سوري مقيم في تركيا.